http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
الكتاب : مختصر اختلاف العلماء للطحاوي
قال لم يختلفوا فيمن رمى من الحل صيدا في الحرم أومن الحرم صيدا في الحل في وجوب الجزاء واختلفوا إذا كان في الحل وبينهما طائفة من الحرم فكان نظيره ما قال أبو يوسف فيمن رمى مسلما فارتد المرمى ثم أسلم ثم وقع به السهم أن عليه الدية وقال محمد لا شيء عليه فاعتبر أبو يوسف الطرفين وراعى محمد ما حدث بينهما ومن أصلهما مراعاة خروج السهم من يد الرامي ووقوعه بالمرمى فقالا لو رفاه والمرمى مرتد ثم أسلم أو رماه والمرمى مسلم ثم ارتد ثم وقع به السهم أنه لاشيء على الرامي فلزم محمد على هذا الأصل يجعل لمرور السهم في الحرم حكما كما جعل لحدوث ما حدث من المرور بين الطرفين حكما فيمن قتل الصيد خطأ أو عمدا قال أصحابنا إذا قتل صيدا عمدا أو خطأ أصاب قبل ذلك صيدا أم لا فعليه الجزاء وهو قول مالك والثوري والشافعي وقال مجاهد إن قتله ناسيا لقتله ذاكرا لإحرامه لم يحكم عليه احتج من لم يوجبه في الخطأ بتخصيص الله العامد بالذكر فقيل لهم ذكر العمد لأنه ذكر الوعيد عقيبة والدليل على وجوبه في الخطأ أن الله تعالى قد أوجب الكفارة في قتل الخطأ وهي في قتل العمد أوجب منها في الخطا
(1/398)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
فلما ثبت في قتل العمد الجزاء وجب مثله في الخطأ وأيضا يستوي حكم جماع الخطأ والعمد في إفساد الحج فوجب أن يكون الجزاء مثله وأما إسقاط من أسقط الجزاء إذا فعله ناسيا فاحتجوا بقوله تعالى ومن عاد فلم يوجب جزاء فقيل لهم أما قول الله تعالى عفا الله عما سلف يعنى ما سلف في الجاهلية ومن عاد أي في الإسلام وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الضبع فقال هو صيد وفيها شاة ولم يسأله هل أصاب قتله وعن عمر أنه سئل عمن أصاب ظبيا فلم يسأله هل أصبت قبل ذلك ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه فإن قيل فقد سأل عمر قبيصة أعمدا قتلته أم خطأ ولا فرق بين الخطأ والعمد قيل له سأل ليقرأ عليه آية الوعيد إن كان عمدا ليتوب بشر بن الوليد عن أبي يوسف ولم نجد خلافا في محرم قتل بازيا معلما فعليه قيمته لصاحبه معلما وعليه قيمته لحما جزاء إحرامه وهو قول محمد أيضا قال مالك عليه قيمتان معلما في الوجهين الشافعي والحسن بن صالح قيمته لصاحبه وجزاء للمساكين
(1/399)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال الأوزاعي إذا قتل حمامة فعليه قيمتها لصاحبها لا غير لأنها بمنزلة الدجاجة فإن كانت برية فعليه جزاؤها الجزاء وجب لعين الصيد فلا يختلف أن تكون وحشية أو قد تأنس وكذلك المملوك وغير المملوك يجب فيه الجزاء القارن يقتل الصيد قال أصحابنا عليه جزاآن قال مالك والثوري والشافعي جزاء واحد والحسن بن صالح مثله وقال في القارن إذا أحصر يبعث بهديين انتهك حرمتين فالقياس أن يكون جزاآن فإن قيل فقد يكفي حلق واحد قيل له الحلق إذا وقع استحال بقاء الإحرام معه والثاني لا معنى له فأما سوى ذلك من الصيد والطيب فإنه يفعل الأول مع بقاء إحرامه وكذلك الثاني وكذلك إذا اجتمعا القارن يجامع بعد قضاء العمرة قال أصحابنا إذا طاف القارن لعمرته وسعى ثم جامع فسد حجه ومضى فيه وعليه الحج من قابل وليس عليه دم القران وليس عليه عمرة لأنها لم تفسد وهو قول الثوري وقال مالك عليه دم القران ودم الفساد ويمضي فيهما وعليه حجة وعمرة من قابل يقرن بينهما وإن لم يقرن لم يجز ويقضيهما من حيث أحرم
بهما إلا أن يكون إحرامه بهما كان بعد الميقات فليس له أن يحرم بهما إلا من الميقات وقال الشافعي قد فسد عليه إحرامه في برء الصيد المجروح قال أصحابنا فيمن جرح صيدا فبرأ فعليه ما نقص الجرح ولو قطع يده أو رجله فبرأ عليه قيمته صحيحا قال مالك إذا أصاب طيرا منتفة فحبسه حتى نبت وطار فلا جزاء عليه الليث من كسر جناح صيد أورجله أرى أن يفديه قال عبيدالله بن الحسن فيمن فقأ عين ظبي فعليه ما نقص الظبي الشافعي ويغرم النقصان لم يختلفوا أنه إذا كان مملوكا لرجل أنه يغرم النقصان فكذلك إذا كان لله تعالى في كيفية صيام الحج وكفارة اليمين قال اصحابنا كل صوم لم يذكر في القران متتابعا فله ان يفرق مثل ثلاثة ايام في الحج وغيره إلا كفارة اليمين فإنه متتابع وقال مالك مثل ذلك ويجوز التفريق في كفارة اليمين وقول الثوري مثل قولنا في ذلك كله ويجوز التفريق في كفارة اليمين
(1/400)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
الحسن بن صالح إذا قال لله تعالى علي صوم شهر تابع ولو قال ثلاثين يوما إن شاء فرق وكفارة اليمين متتابع قال الليث كل ما ذكر الله من الصوم في الكتاب فهو متتابع صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع وقال إذا كان عليه صيام في كفارة يمين فصام يومين من آخر شعبان ثم ثبت أنه أول رمضان قال يجزئه ذلك اليوم لكفارته ويصوم يوما آخر لتمام ذلك ويقضي يوما من رمضان وقال من أوجب على نفسه صيام أيام فعليه متتابعة الشافعي كا ما يذكر في القرآن متتابعا فله أن بفرق وكذلك كفارة اليمين قال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة صم ثلاثة أيام ولم يذكر فيه التتابع فدل على أنه ليس بشرط وأما كفارة اليمين فلأن في قراءة عبد الله وأبي ثلاثة أيام متتابعات في مكان ذبح الدماء الواجبة قال أصحابنا الدماء الواجبة في الحج والعمرة لا يذبح شيء منها في غير الحرم ويجزئه أن يذبحها في أي الحرم شاء قال مالك كل دم وجب لنسك تركه أو لجزاء صيد فإنه لا يذبح إلا بمكة أو منى فلو أوقفه بعرفة نحره بمنى فإن لم يوقفه بعرفات ساق من الحل ونحر بمكة
(1/401)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال الثوري في جنايات الإحرام لا يذبح إلا بمكة قال الشافعي لا ينحر هدي دون الحرم إلا في إحصار فإنه يذبح حيث أحصر قال الله تعالى حتى يبلغ الهدي محله البقرة قال والهدي معكوفا أن يبلغ محله الفتح فعلمنا أن للهدي محلا وأنه قبل بلوغ المحل حرام وقال تعالى في آية الصيد هديا بالغ الكعبة المائدة فثبت أن محله بلوغ الكعبة وقال في البدن ثم محلها إلى البيت العتيق الحج فثبت صحة ما قلنا هل يجزئ إذا ذبح المتعة قبل فجر يوم النحر قال أصحابنا لا يجزئه ذبح هدي المتعة قبل طلوع الفجر من يوم النحر ويجوز بعد طلوع الفجر وما سوى ذلك يجزئه قبل وبعد ويستحب يوم النحر وهو قول الأوزاعي قال ما كان من هدي ساقه أو جزاء صيد أو غيره لم يجزئه ذبحه قبل طلوع الفجر من يوم النحر وكذلك نسك الأذى إذا قلده لم ينحر إلا بمنى بعد طلوع الفجر من يوم النحر قال الشافعي يجوز تعجيل دم القران قبل يوم النحر قال اتفقوا في الضحايا أنها مقصورة على يوم النحر لا يجوز قبله وإن فاته أيام النحر لم يكن له أن يأتي بها إلا في أيام النحر من قابل لأن الناس على قولين في الأضاحي فمنهم من يراها واجبة فلا يفعلها إلا أيام النحر
(1/402)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
ومنهم من لا يراها واجبة ويقول إن أوجب أضحية من جهة النذر فعلها يوم النحر فعلم بذلك أن للأضاحي وقتا معلوما لا يجوز فيه التقديم والتأخير ووجدنا الهدايا من فاته أن يذبحها في أيام النحر ولم يكن ساقها قبل ذلك بأنه يذبحها بعد ذلك فلما جعل سائر الأيام وقتا لها بعد مضي يوم النحر علمنا أنها مخافة للأضاحي وأن الدهر كله وقت لها في العبد إذا أذن له مولاه في الحج قال أصحابنا عليه في كفارة الحج الصيام وما كان من الدماء والطعام فبعد العتق وإن أحصر فعلى مولاه أن يبعث بهدي معه فيحل به لأن مولاه أذن له فعليه أن يحلله قال مالك عليه الفداء في النسك وإماطة الأذى لأنه ليس له أن يفعله من مال سيده فليس لسيده أن يمنعه الصيام إذا لم يتعمده وكان مخطئا فيه وكذلك كل ما أصاب خطأ الشافعي لا يجزئه الصوم وقال أصحابنا لمولاه أن يمنعه الصوم في جزاء الصيد ونسك الأذى وقالوا ليس له منعه من صوم الظهار وكان القياس على ذلك أن لا يمنعه من صوم جزاء الصيد كما قال مالك إلا أن لهم فرقا في ذلك وهو أنه لو منعه صوم الظهار لكان مانعا له وطء امرأته لأنه لا يصل إليه إلا بالصوم ففيه إيصال حقها من الجماع فليس له ذلك وأما جزاء الصيد فمثل كفارة اليمين فلو حلف العبد لمولاه أن يمنعه
(1/403)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
من الصوم وأما هدي والإحصار فهو الإحلال ومن حقه أخذ مولاه بكسوته التي لا تحل له وهو محرم فكذلك يكون له أخذه بما يصل به إلى الإنتفاع بها وكل ما جعلنا على العبد فيه الصوم فأطعم عنه مولاه أو ذبح لم يجزئه وهو قول الشافعي إلا أن الشافعي قال يجزئ أن يطعم عنه بعد موت العبد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سعدا أن يتصدق عن أمه بعد موتها العبد لا هدي عليه قال إذا أهدى عنه صار كمن أهدى عن إنسان بغير أمره فلا يجزئه لأنه لو جاز عنه بغير أمره لم يكن ذائقا وبال أمره وقد قال تعالى ليذوق وبال أمره وأما خبر سعد حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق عن أمه بعد موتها فلأنه قد كان يجوز أن يتصدق عنها في حياتها بأمره ويجوز أن يكون قد فوضت ذلك إليه وقد روى العطاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاثة ولد صالح يدعوا له أو من علم بثه أو صدقة جارية وأما خبر سعد فقد روى مالك بن أنس عن سعد بن عمر بن شرحبيل بن سعيد عن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال خرج سعد مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوصي فقالت فيم أوصي إنما المال مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد ذكر ذلك له فقال سعد يا رسول الله هل ينفعها أن يصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال سعد حائط كذا وكذا صدقة عنها وروى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا قال
(1/404)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فتصدق عنها فدل ذلك على أن الصدقة التي ذكرها إنما كانت لأنه قد كان من المتصدق بها عنها سبب في حياتها إما لتفويضها ذلك إلى غيرها متقدمة أو لبدله وصية فماتت قبل إمضائها فحققها ولدها في السيد يأذن لجاريته بالحج ثم يحللها قال أصحابنا في رجل أذن لجاريته في الإحرام ثم باعها فللمشتري أن يحللها وقال زفر ومالك الشافعي ليس للمشتري أن يحللها وقال زفر والشافعي للمشتري الخيار في فسخ البيع إن لم يكن علم بالإحرام لم يختلفوا أنه إذا أذن لعبده في التزويج أو لأمته ففعلا لم يكن بعد ذلك للمشتري فسخ النكاح ولو لم يأذن لم يجب النكاح بدءا واختلفوا على أن الأمة إذا أحرمت كان إحرامها صحيحا فإن للمولى إحلالها ما لم ياذن لها فالإذن إذا لم يعمل في وقوع الإحرام بجوازه بغير إذن منه فما لم يكن لزوم إحرامها لأجل الإذن فكان لسيدها إحلالها إذا لم يكن إذن لأن الإذن بدءا لم يعمل في إجازة الإحرام وإنما كان بمنزلة عاريتهم إياها أنفسهم وللمعير أن يرجع فيما أعار متى شاء قال الأوزاعي في رجل شتم أخاه أو ظلمه وهو محرم فعليه دم وهذا قول لم يقل به غيره من أهل العلم فبطل
(1/405)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
ى من أفسد حجة أو عمرة وترك السعي بين الصفا والمروة قال محمد في الإملاء لا شيء عليه غير القضاء للحجة التي أفسدها أو العمرة وقال مالك من ترك ذلك في الفاسدة هو كمن تركه في الصحيحة وهذا على أصل مالك لأنه يقول إن من ترك ذلك في الصحيحة كان محرما بحاله حتى يرجع فيطوف ولو شوطا واحدا إذا حج تنفيذا لوصية فهلكت النفقة قال أبو حنيفة إذا أوصى بحج عنه بثلثه فأحجوا رجلا فلما بلغ الكوفة مات أو سرقت نفقته وقد أنفق نصف النفقة فإنه يحج عن الميت من ثلث ما بقي من ميراثه وهو قول زفر وقال أبو يوصف إن بقي من ثلث جميع المال شيء حج منه من الموضع الذي بلغ الأول وإلا فلا وقال محمد لا يرجع بشيء وقد استوفى وصية الميت ولكن يحج بما بقي في يد الحاج الميت من حيث مات ودم الإحصار من مال الميت ودم الجماع على الحاج قال مالك إذا أحصر الحاج عن البيت وقد أنفق بعض النفقة فإن كان استوجب عليه فإنه يرد المال كله وكان من الأجر بحساب ما سار وإن أخذ على البلاغ رد الفضل في يده قال الليث إذا أوصى بفرس في سبيل الله فابتاعه الوصي فمات قبل أن ينفذه إلى الوصي له فقد بطلت الوصية
(1/406)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال عبيد الله بن الحسن إذا قاسم الوصي ورثة الموصي وأخذ الوصي الحجة ثم ضاعت لم يرجع على الورثة بشيء وإذا أخذها بغير مقاسمة فضاعت فإنه يرجع بأخذها والمال ولا ضمان على الوصي وإذا أوصى بحجة فدفع الوصي دراهم إلى إنسان فيقول هي لك على أن تحج بها عن فلان فضاعت الدراهم إنما يضمن الحجة وما فضل من النفقة وقال إذا أخذ الوصي الحجة بأمر قاض فضاعت النفقة لم يرجع في المال بشيء قال الشافعي إذا استأجر رجلا للحج عن الميت فمات فله بقدر عمله من الأجر قال عند أصحابنا لا يجوز الاستئجار على الحج ومالك كرهه والليث والشافعي يجيزانه فلا يخلو الإجارة من أن يقع على وقت معلوم فإن كان كذلك فقد يجوز أن يفرغ من الحج قبل انقضائه فيبقى بقية وقته بغير عمل يعمله في الحج فيجب فساد الإجارة أو على أفعال الحج كخياطة ثوب بعينه فإن كان كذلك فالأعمال في الحج غير معلومة منها الصلاة المفعولة للإحرام والتلبية عند هبوط واد وعلو شرف ومنها حلق الرأس وهو لا تصح الإجارة عليه لأنه لم يصل به نفع إلى المستأجر قال فإذا قبض الوصي الحجة ينبغي أن يكون من مال الميت كالورثة إذا قبضوا نصيبهم يكون ضائعا من مالهم
(1/407)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
إذا أوصى أن يحج عنه بثلث ماله قال أصحابنا فهو من بلده وإلا فمن حيث بلغ وهو قول الثوري والشافعي وقال الأوزاعي إذا لم يبلغ الثلث أن يحج به عنه فإنه يحج عنه من المدينة والواد والجحفة وقال سوار بن عبد الله إذا أمر أن يحج عنه من مكان فلم يبلغ الثلث من ذلك المكان فإنه يعين به في حج وقال عبيد الله بن الحسن يحج به عنه من موضع في الطريق حيث يبلغ لا نعلم لسوار موافقا في هذا القول وهو فاسد أيضا لأن الميت أوصى أن يحج عنه به لا عن غيره فإذا عين به غيره كان مصروفا إلى غير ما أوصى به فيمن أوصى بالحج عنه كل سنة من ثلثه قال أصحابنا إذا قال قد أوصيت بثلثي في الحج يحج به في كل سنة بمائة درهم فإنهم يحجون بذلك في سنة واحدة وكذلك لو قال يتصدق عني في كل سنة بمائة درهم فإنهم يتصدقون به في أول السنة وكذلك الرقاب قال الليث إذا أوصى بأن يحج عنه فإنه يحج عنه في عامين أحب إلي فهذا يدل على أنه إذا ذكر عامين فهو أحرى قال في وصيتة معنيان أحدهما الحج وهو القربة والثاني تفرقها في أوقات ولا قربة فيه فهو كمن أوصى بطرح ماله في البحر فلا ينفذ لأنه لا قربة فيه وأيضا تعجيل القرب أفضل من تأخيرها
(1/408)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
إذا أوصى بأن يحج عنه وارثه قال أبو يوسف في رجل أوصى أن يحج عنه وارث له وقبل ذلك الوارث أن الوصية باطلة إلا أن يجيز الورثة ولم نجد خلافا بينه وبين أبي حنيفة ومحمد وقال زفر الوصية جائزة إذا كانت تخرج من الثلث قال مالك وعبيد الله بن الحسن والشافعي إن كان نفقة مثل بذل الحجة أجزأه ولا يجوز الفضل قال الوصية للوارث إذا استوفى منه مثلها يجوز عند زفر وأبي يوسف جميعا مثل أن يوصى بأن يباع عبده من وارثه بمثل قيمته وعند أبي حنيفة لا يجوز فكأنه ينفق في حجه مال الميت بغير عوض فلا يجوز في أكل المحرم الطعام الذي فيه زعفران قال أصحابنا لا بأس بأن يأكل المحرم الطعام فيه زعفران إذا كان قد مسته النار وروى نحوه عن ابن عباس وابن عمر وإن أكل الزعفران في غير أن يكون في طعام فعليه دم إن كان كثيرا وهو قول مالك والثوري والأوزاعي والليث قال الشافعي إن كان خبيصا يصبغ اللسان ففيه الفدية وإن كان مستهلكا فلا فدية فيه قال وجدنا حكم الثياب المصبوغة فيما مسته النار أو لم تمسه النار سواء فكذلك الطعام ينبغي أن يستوي حكمه
(1/409)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
فلما اتفقوا على أن الطعام الذي مسته النار لا يكره وإن كان فيه زعفران كذلك ما لم تمسه إذا قال علي المشي إلى بيت الله قال أصحابنا فإنه يمشي وعليه حجة أو عمرة وإن شاء ركب وأهراق دما وإن جعلها حجة فلم يركب فإنه لا يركب حتى يطوف طواف الزيارة وهو قول مالك وقال في العمرة يمشي حتى يطوف بين الصفا والمروة وقال ابن أبي ليلى يركب ويكفر عن يمينه بمنزلة النذر قال ابن شبرمة إذا لم يقدر على المشي ركب ولا شيء عليه قال سفيان يمشي حتى ينفر من منى إلى البيت ماشيا وهو قول الحسن وعطاء وروى عن سفيان أنه إذا ركب فعليه كفارة يمين قال الأوزاعي في امرأة جعلت عليها نذر أن تمشي إلى بيت الله إن ذهبت إلى الحمام أبدا ثم ذهبت قال أما النذر فيمين وأما الحج فتحج راكبة ولم يذكر هديا قال الأوزاعي في امرأة جعلت عليها نذر أن تمشي إلى بيت الله إن ذهبت إلى الحمام أبدا ثم ذهبت قال أما النذر فيمين وأما الحج فتحج راكبة ولم يذكر هديا وقال الأوزاعي في رجل ساومه رجل بثوب فقال إني أخاف أن تستقيلني قال إن استقلنك فعلي المشي إلى بيت الله ثم استقاله فعليه يمين يكفرها فإنه لم يرد بذلك وجه الله ولو قدت رجلا قال علي المشي إلى بيت الله إن تركتك قال يكفر عن يمينه ويعفو عن أخيه
(1/410)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال الحسن بن صالح إذا حلف بالمشي إلى بيت الله أن لا يكلم أباه ولا أمه أنه يكلمهما ويكون عليه المشي أفضل من أن يعصي الله تعالى قال ومن جعل عليه المشي فإنه يهل بعمرة من ميقات أهل بلده ثم يمشي وإن قال عليه أن يحج إلى البيت ماشيا فمثل ذلك وإن قال لله عليه أن يحج ماشيا فإنه يمشي من البطحاء قال وإن جعل عليه المشي فمشى بعض الطريق ثم أعيا فركب فإذا كان عاما قابلا فليركب ما مشى ويمشي ما ركب فإن كان سمى عاما يمشيه فليكفر عن يمينه قال الليث يمشي من حيث حلف لا من حيث حنث وفإن ترك المشي أهدى حكى المزني عن الشافعي أنه إن ركب اهراق دما وإن مشي فإنه يمشي حتى تحل له النساء وروى يحيى القطان عن حميد بن ثابت عن أنس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يهادي بين رجلين فسأل عنه فقالوا نذر أن يمشي فقال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب فكان من ذلك من أمره ناذرا الحج أنه يحج راكبا فاحتمل أن يكون أمره بالركوب في غير هدي ولا شيء فوجدنا همام بن يحيى قد روى عن قتادة عكرمة عن ابن عباس
(1/411)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
أن عقبة بن عامر الجهني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أخته نذر أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مرها فلتركب ولتختمر ولتهد هديا وروى عبد العزيز بن مسلم حدثنا مطر الوراق عن عكرمة عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة فقال إن الله لغني عن مشيها مروها فلتركب ولتهد بدنة فاختلف قتادة ومطر عن عقبة وقتادة عن ابن عباس والأشبه ما رواه مطر لأن إسماعيل بن أبي خالد قد روى عن الشعبي عن ابن عباس في رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمشى نصف الطريق ثم أعيى فركب قال يحج من قابل ويمشي ما ركب ولينحر بدنة فلو كان عنده هذا الحديث لم يقل بذلك وقد روى شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أختي نذرت
أن تحج ماشية فقال إن الله لا يصنع بشقاء أختك لتحج راكبة ولتكفر عن يمينها قال وحدثنا يونس قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يحيى بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عقبة بن عامر الجهني أن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت حافية غير مختمرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله مر أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام ورواه يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زهر أنه سمع أبا سعيد الرعيني يذكر عن عقبة بن عامر مثله فتصحيح هذه الآثار أنه أوجب عليها الركوب هدي الإختمار وترك النذر كفارة يمين كما حدثنا يونس حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة النذر كفارة اليمين قال لنا يونس هكذا حدثنا ابن وهب في الإملاء وحدثنا في الموطأ عن عبد الرحمن بن شماسة عن
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
الكتاب : مختصر اختلاف العلماء للطحاوي
قال لم يختلفوا فيمن رمى من الحل صيدا في الحرم أومن الحرم صيدا في الحل في وجوب الجزاء واختلفوا إذا كان في الحل وبينهما طائفة من الحرم فكان نظيره ما قال أبو يوسف فيمن رمى مسلما فارتد المرمى ثم أسلم ثم وقع به السهم أن عليه الدية وقال محمد لا شيء عليه فاعتبر أبو يوسف الطرفين وراعى محمد ما حدث بينهما ومن أصلهما مراعاة خروج السهم من يد الرامي ووقوعه بالمرمى فقالا لو رفاه والمرمى مرتد ثم أسلم أو رماه والمرمى مسلم ثم ارتد ثم وقع به السهم أنه لاشيء على الرامي فلزم محمد على هذا الأصل يجعل لمرور السهم في الحرم حكما كما جعل لحدوث ما حدث من المرور بين الطرفين حكما فيمن قتل الصيد خطأ أو عمدا قال أصحابنا إذا قتل صيدا عمدا أو خطأ أصاب قبل ذلك صيدا أم لا فعليه الجزاء وهو قول مالك والثوري والشافعي وقال مجاهد إن قتله ناسيا لقتله ذاكرا لإحرامه لم يحكم عليه احتج من لم يوجبه في الخطأ بتخصيص الله العامد بالذكر فقيل لهم ذكر العمد لأنه ذكر الوعيد عقيبة والدليل على وجوبه في الخطأ أن الله تعالى قد أوجب الكفارة في قتل الخطأ وهي في قتل العمد أوجب منها في الخطا
(1/398)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
فلما ثبت في قتل العمد الجزاء وجب مثله في الخطأ وأيضا يستوي حكم جماع الخطأ والعمد في إفساد الحج فوجب أن يكون الجزاء مثله وأما إسقاط من أسقط الجزاء إذا فعله ناسيا فاحتجوا بقوله تعالى ومن عاد فلم يوجب جزاء فقيل لهم أما قول الله تعالى عفا الله عما سلف يعنى ما سلف في الجاهلية ومن عاد أي في الإسلام وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الضبع فقال هو صيد وفيها شاة ولم يسأله هل أصاب قتله وعن عمر أنه سئل عمن أصاب ظبيا فلم يسأله هل أصبت قبل ذلك ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه فإن قيل فقد سأل عمر قبيصة أعمدا قتلته أم خطأ ولا فرق بين الخطأ والعمد قيل له سأل ليقرأ عليه آية الوعيد إن كان عمدا ليتوب بشر بن الوليد عن أبي يوسف ولم نجد خلافا في محرم قتل بازيا معلما فعليه قيمته لصاحبه معلما وعليه قيمته لحما جزاء إحرامه وهو قول محمد أيضا قال مالك عليه قيمتان معلما في الوجهين الشافعي والحسن بن صالح قيمته لصاحبه وجزاء للمساكين
(1/399)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال الأوزاعي إذا قتل حمامة فعليه قيمتها لصاحبها لا غير لأنها بمنزلة الدجاجة فإن كانت برية فعليه جزاؤها الجزاء وجب لعين الصيد فلا يختلف أن تكون وحشية أو قد تأنس وكذلك المملوك وغير المملوك يجب فيه الجزاء القارن يقتل الصيد قال أصحابنا عليه جزاآن قال مالك والثوري والشافعي جزاء واحد والحسن بن صالح مثله وقال في القارن إذا أحصر يبعث بهديين انتهك حرمتين فالقياس أن يكون جزاآن فإن قيل فقد يكفي حلق واحد قيل له الحلق إذا وقع استحال بقاء الإحرام معه والثاني لا معنى له فأما سوى ذلك من الصيد والطيب فإنه يفعل الأول مع بقاء إحرامه وكذلك الثاني وكذلك إذا اجتمعا القارن يجامع بعد قضاء العمرة قال أصحابنا إذا طاف القارن لعمرته وسعى ثم جامع فسد حجه ومضى فيه وعليه الحج من قابل وليس عليه دم القران وليس عليه عمرة لأنها لم تفسد وهو قول الثوري وقال مالك عليه دم القران ودم الفساد ويمضي فيهما وعليه حجة وعمرة من قابل يقرن بينهما وإن لم يقرن لم يجز ويقضيهما من حيث أحرم
بهما إلا أن يكون إحرامه بهما كان بعد الميقات فليس له أن يحرم بهما إلا من الميقات وقال الشافعي قد فسد عليه إحرامه في برء الصيد المجروح قال أصحابنا فيمن جرح صيدا فبرأ فعليه ما نقص الجرح ولو قطع يده أو رجله فبرأ عليه قيمته صحيحا قال مالك إذا أصاب طيرا منتفة فحبسه حتى نبت وطار فلا جزاء عليه الليث من كسر جناح صيد أورجله أرى أن يفديه قال عبيدالله بن الحسن فيمن فقأ عين ظبي فعليه ما نقص الظبي الشافعي ويغرم النقصان لم يختلفوا أنه إذا كان مملوكا لرجل أنه يغرم النقصان فكذلك إذا كان لله تعالى في كيفية صيام الحج وكفارة اليمين قال اصحابنا كل صوم لم يذكر في القران متتابعا فله ان يفرق مثل ثلاثة ايام في الحج وغيره إلا كفارة اليمين فإنه متتابع وقال مالك مثل ذلك ويجوز التفريق في كفارة اليمين وقول الثوري مثل قولنا في ذلك كله ويجوز التفريق في كفارة اليمين
(1/400)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
الحسن بن صالح إذا قال لله تعالى علي صوم شهر تابع ولو قال ثلاثين يوما إن شاء فرق وكفارة اليمين متتابع قال الليث كل ما ذكر الله من الصوم في الكتاب فهو متتابع صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع وقال إذا كان عليه صيام في كفارة يمين فصام يومين من آخر شعبان ثم ثبت أنه أول رمضان قال يجزئه ذلك اليوم لكفارته ويصوم يوما آخر لتمام ذلك ويقضي يوما من رمضان وقال من أوجب على نفسه صيام أيام فعليه متتابعة الشافعي كا ما يذكر في القرآن متتابعا فله أن بفرق وكذلك كفارة اليمين قال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة صم ثلاثة أيام ولم يذكر فيه التتابع فدل على أنه ليس بشرط وأما كفارة اليمين فلأن في قراءة عبد الله وأبي ثلاثة أيام متتابعات في مكان ذبح الدماء الواجبة قال أصحابنا الدماء الواجبة في الحج والعمرة لا يذبح شيء منها في غير الحرم ويجزئه أن يذبحها في أي الحرم شاء قال مالك كل دم وجب لنسك تركه أو لجزاء صيد فإنه لا يذبح إلا بمكة أو منى فلو أوقفه بعرفة نحره بمنى فإن لم يوقفه بعرفات ساق من الحل ونحر بمكة
(1/401)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال الثوري في جنايات الإحرام لا يذبح إلا بمكة قال الشافعي لا ينحر هدي دون الحرم إلا في إحصار فإنه يذبح حيث أحصر قال الله تعالى حتى يبلغ الهدي محله البقرة قال والهدي معكوفا أن يبلغ محله الفتح فعلمنا أن للهدي محلا وأنه قبل بلوغ المحل حرام وقال تعالى في آية الصيد هديا بالغ الكعبة المائدة فثبت أن محله بلوغ الكعبة وقال في البدن ثم محلها إلى البيت العتيق الحج فثبت صحة ما قلنا هل يجزئ إذا ذبح المتعة قبل فجر يوم النحر قال أصحابنا لا يجزئه ذبح هدي المتعة قبل طلوع الفجر من يوم النحر ويجوز بعد طلوع الفجر وما سوى ذلك يجزئه قبل وبعد ويستحب يوم النحر وهو قول الأوزاعي قال ما كان من هدي ساقه أو جزاء صيد أو غيره لم يجزئه ذبحه قبل طلوع الفجر من يوم النحر وكذلك نسك الأذى إذا قلده لم ينحر إلا بمنى بعد طلوع الفجر من يوم النحر قال الشافعي يجوز تعجيل دم القران قبل يوم النحر قال اتفقوا في الضحايا أنها مقصورة على يوم النحر لا يجوز قبله وإن فاته أيام النحر لم يكن له أن يأتي بها إلا في أيام النحر من قابل لأن الناس على قولين في الأضاحي فمنهم من يراها واجبة فلا يفعلها إلا أيام النحر
(1/402)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
ومنهم من لا يراها واجبة ويقول إن أوجب أضحية من جهة النذر فعلها يوم النحر فعلم بذلك أن للأضاحي وقتا معلوما لا يجوز فيه التقديم والتأخير ووجدنا الهدايا من فاته أن يذبحها في أيام النحر ولم يكن ساقها قبل ذلك بأنه يذبحها بعد ذلك فلما جعل سائر الأيام وقتا لها بعد مضي يوم النحر علمنا أنها مخافة للأضاحي وأن الدهر كله وقت لها في العبد إذا أذن له مولاه في الحج قال أصحابنا عليه في كفارة الحج الصيام وما كان من الدماء والطعام فبعد العتق وإن أحصر فعلى مولاه أن يبعث بهدي معه فيحل به لأن مولاه أذن له فعليه أن يحلله قال مالك عليه الفداء في النسك وإماطة الأذى لأنه ليس له أن يفعله من مال سيده فليس لسيده أن يمنعه الصيام إذا لم يتعمده وكان مخطئا فيه وكذلك كل ما أصاب خطأ الشافعي لا يجزئه الصوم وقال أصحابنا لمولاه أن يمنعه الصوم في جزاء الصيد ونسك الأذى وقالوا ليس له منعه من صوم الظهار وكان القياس على ذلك أن لا يمنعه من صوم جزاء الصيد كما قال مالك إلا أن لهم فرقا في ذلك وهو أنه لو منعه صوم الظهار لكان مانعا له وطء امرأته لأنه لا يصل إليه إلا بالصوم ففيه إيصال حقها من الجماع فليس له ذلك وأما جزاء الصيد فمثل كفارة اليمين فلو حلف العبد لمولاه أن يمنعه
(1/403)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
من الصوم وأما هدي والإحصار فهو الإحلال ومن حقه أخذ مولاه بكسوته التي لا تحل له وهو محرم فكذلك يكون له أخذه بما يصل به إلى الإنتفاع بها وكل ما جعلنا على العبد فيه الصوم فأطعم عنه مولاه أو ذبح لم يجزئه وهو قول الشافعي إلا أن الشافعي قال يجزئ أن يطعم عنه بعد موت العبد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سعدا أن يتصدق عن أمه بعد موتها العبد لا هدي عليه قال إذا أهدى عنه صار كمن أهدى عن إنسان بغير أمره فلا يجزئه لأنه لو جاز عنه بغير أمره لم يكن ذائقا وبال أمره وقد قال تعالى ليذوق وبال أمره وأما خبر سعد حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق عن أمه بعد موتها فلأنه قد كان يجوز أن يتصدق عنها في حياتها بأمره ويجوز أن يكون قد فوضت ذلك إليه وقد روى العطاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاثة ولد صالح يدعوا له أو من علم بثه أو صدقة جارية وأما خبر سعد فقد روى مالك بن أنس عن سعد بن عمر بن شرحبيل بن سعيد عن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال خرج سعد مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوصي فقالت فيم أوصي إنما المال مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد ذكر ذلك له فقال سعد يا رسول الله هل ينفعها أن يصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال سعد حائط كذا وكذا صدقة عنها وروى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا قال
(1/404)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فتصدق عنها فدل ذلك على أن الصدقة التي ذكرها إنما كانت لأنه قد كان من المتصدق بها عنها سبب في حياتها إما لتفويضها ذلك إلى غيرها متقدمة أو لبدله وصية فماتت قبل إمضائها فحققها ولدها في السيد يأذن لجاريته بالحج ثم يحللها قال أصحابنا في رجل أذن لجاريته في الإحرام ثم باعها فللمشتري أن يحللها وقال زفر ومالك الشافعي ليس للمشتري أن يحللها وقال زفر والشافعي للمشتري الخيار في فسخ البيع إن لم يكن علم بالإحرام لم يختلفوا أنه إذا أذن لعبده في التزويج أو لأمته ففعلا لم يكن بعد ذلك للمشتري فسخ النكاح ولو لم يأذن لم يجب النكاح بدءا واختلفوا على أن الأمة إذا أحرمت كان إحرامها صحيحا فإن للمولى إحلالها ما لم ياذن لها فالإذن إذا لم يعمل في وقوع الإحرام بجوازه بغير إذن منه فما لم يكن لزوم إحرامها لأجل الإذن فكان لسيدها إحلالها إذا لم يكن إذن لأن الإذن بدءا لم يعمل في إجازة الإحرام وإنما كان بمنزلة عاريتهم إياها أنفسهم وللمعير أن يرجع فيما أعار متى شاء قال الأوزاعي في رجل شتم أخاه أو ظلمه وهو محرم فعليه دم وهذا قول لم يقل به غيره من أهل العلم فبطل
(1/405)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
ى من أفسد حجة أو عمرة وترك السعي بين الصفا والمروة قال محمد في الإملاء لا شيء عليه غير القضاء للحجة التي أفسدها أو العمرة وقال مالك من ترك ذلك في الفاسدة هو كمن تركه في الصحيحة وهذا على أصل مالك لأنه يقول إن من ترك ذلك في الصحيحة كان محرما بحاله حتى يرجع فيطوف ولو شوطا واحدا إذا حج تنفيذا لوصية فهلكت النفقة قال أبو حنيفة إذا أوصى بحج عنه بثلثه فأحجوا رجلا فلما بلغ الكوفة مات أو سرقت نفقته وقد أنفق نصف النفقة فإنه يحج عن الميت من ثلث ما بقي من ميراثه وهو قول زفر وقال أبو يوصف إن بقي من ثلث جميع المال شيء حج منه من الموضع الذي بلغ الأول وإلا فلا وقال محمد لا يرجع بشيء وقد استوفى وصية الميت ولكن يحج بما بقي في يد الحاج الميت من حيث مات ودم الإحصار من مال الميت ودم الجماع على الحاج قال مالك إذا أحصر الحاج عن البيت وقد أنفق بعض النفقة فإن كان استوجب عليه فإنه يرد المال كله وكان من الأجر بحساب ما سار وإن أخذ على البلاغ رد الفضل في يده قال الليث إذا أوصى بفرس في سبيل الله فابتاعه الوصي فمات قبل أن ينفذه إلى الوصي له فقد بطلت الوصية
(1/406)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال عبيد الله بن الحسن إذا قاسم الوصي ورثة الموصي وأخذ الوصي الحجة ثم ضاعت لم يرجع على الورثة بشيء وإذا أخذها بغير مقاسمة فضاعت فإنه يرجع بأخذها والمال ولا ضمان على الوصي وإذا أوصى بحجة فدفع الوصي دراهم إلى إنسان فيقول هي لك على أن تحج بها عن فلان فضاعت الدراهم إنما يضمن الحجة وما فضل من النفقة وقال إذا أخذ الوصي الحجة بأمر قاض فضاعت النفقة لم يرجع في المال بشيء قال الشافعي إذا استأجر رجلا للحج عن الميت فمات فله بقدر عمله من الأجر قال عند أصحابنا لا يجوز الاستئجار على الحج ومالك كرهه والليث والشافعي يجيزانه فلا يخلو الإجارة من أن يقع على وقت معلوم فإن كان كذلك فقد يجوز أن يفرغ من الحج قبل انقضائه فيبقى بقية وقته بغير عمل يعمله في الحج فيجب فساد الإجارة أو على أفعال الحج كخياطة ثوب بعينه فإن كان كذلك فالأعمال في الحج غير معلومة منها الصلاة المفعولة للإحرام والتلبية عند هبوط واد وعلو شرف ومنها حلق الرأس وهو لا تصح الإجارة عليه لأنه لم يصل به نفع إلى المستأجر قال فإذا قبض الوصي الحجة ينبغي أن يكون من مال الميت كالورثة إذا قبضوا نصيبهم يكون ضائعا من مالهم
(1/407)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
إذا أوصى أن يحج عنه بثلث ماله قال أصحابنا فهو من بلده وإلا فمن حيث بلغ وهو قول الثوري والشافعي وقال الأوزاعي إذا لم يبلغ الثلث أن يحج به عنه فإنه يحج عنه من المدينة والواد والجحفة وقال سوار بن عبد الله إذا أمر أن يحج عنه من مكان فلم يبلغ الثلث من ذلك المكان فإنه يعين به في حج وقال عبيد الله بن الحسن يحج به عنه من موضع في الطريق حيث يبلغ لا نعلم لسوار موافقا في هذا القول وهو فاسد أيضا لأن الميت أوصى أن يحج عنه به لا عن غيره فإذا عين به غيره كان مصروفا إلى غير ما أوصى به فيمن أوصى بالحج عنه كل سنة من ثلثه قال أصحابنا إذا قال قد أوصيت بثلثي في الحج يحج به في كل سنة بمائة درهم فإنهم يحجون بذلك في سنة واحدة وكذلك لو قال يتصدق عني في كل سنة بمائة درهم فإنهم يتصدقون به في أول السنة وكذلك الرقاب قال الليث إذا أوصى بأن يحج عنه فإنه يحج عنه في عامين أحب إلي فهذا يدل على أنه إذا ذكر عامين فهو أحرى قال في وصيتة معنيان أحدهما الحج وهو القربة والثاني تفرقها في أوقات ولا قربة فيه فهو كمن أوصى بطرح ماله في البحر فلا ينفذ لأنه لا قربة فيه وأيضا تعجيل القرب أفضل من تأخيرها
(1/408)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
إذا أوصى بأن يحج عنه وارثه قال أبو يوسف في رجل أوصى أن يحج عنه وارث له وقبل ذلك الوارث أن الوصية باطلة إلا أن يجيز الورثة ولم نجد خلافا بينه وبين أبي حنيفة ومحمد وقال زفر الوصية جائزة إذا كانت تخرج من الثلث قال مالك وعبيد الله بن الحسن والشافعي إن كان نفقة مثل بذل الحجة أجزأه ولا يجوز الفضل قال الوصية للوارث إذا استوفى منه مثلها يجوز عند زفر وأبي يوسف جميعا مثل أن يوصى بأن يباع عبده من وارثه بمثل قيمته وعند أبي حنيفة لا يجوز فكأنه ينفق في حجه مال الميت بغير عوض فلا يجوز في أكل المحرم الطعام الذي فيه زعفران قال أصحابنا لا بأس بأن يأكل المحرم الطعام فيه زعفران إذا كان قد مسته النار وروى نحوه عن ابن عباس وابن عمر وإن أكل الزعفران في غير أن يكون في طعام فعليه دم إن كان كثيرا وهو قول مالك والثوري والأوزاعي والليث قال الشافعي إن كان خبيصا يصبغ اللسان ففيه الفدية وإن كان مستهلكا فلا فدية فيه قال وجدنا حكم الثياب المصبوغة فيما مسته النار أو لم تمسه النار سواء فكذلك الطعام ينبغي أن يستوي حكمه
(1/409)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
فلما اتفقوا على أن الطعام الذي مسته النار لا يكره وإن كان فيه زعفران كذلك ما لم تمسه إذا قال علي المشي إلى بيت الله قال أصحابنا فإنه يمشي وعليه حجة أو عمرة وإن شاء ركب وأهراق دما وإن جعلها حجة فلم يركب فإنه لا يركب حتى يطوف طواف الزيارة وهو قول مالك وقال في العمرة يمشي حتى يطوف بين الصفا والمروة وقال ابن أبي ليلى يركب ويكفر عن يمينه بمنزلة النذر قال ابن شبرمة إذا لم يقدر على المشي ركب ولا شيء عليه قال سفيان يمشي حتى ينفر من منى إلى البيت ماشيا وهو قول الحسن وعطاء وروى عن سفيان أنه إذا ركب فعليه كفارة يمين قال الأوزاعي في امرأة جعلت عليها نذر أن تمشي إلى بيت الله إن ذهبت إلى الحمام أبدا ثم ذهبت قال أما النذر فيمين وأما الحج فتحج راكبة ولم يذكر هديا قال الأوزاعي في امرأة جعلت عليها نذر أن تمشي إلى بيت الله إن ذهبت إلى الحمام أبدا ثم ذهبت قال أما النذر فيمين وأما الحج فتحج راكبة ولم يذكر هديا وقال الأوزاعي في رجل ساومه رجل بثوب فقال إني أخاف أن تستقيلني قال إن استقلنك فعلي المشي إلى بيت الله ثم استقاله فعليه يمين يكفرها فإنه لم يرد بذلك وجه الله ولو قدت رجلا قال علي المشي إلى بيت الله إن تركتك قال يكفر عن يمينه ويعفو عن أخيه
(1/410)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
قال الحسن بن صالح إذا حلف بالمشي إلى بيت الله أن لا يكلم أباه ولا أمه أنه يكلمهما ويكون عليه المشي أفضل من أن يعصي الله تعالى قال ومن جعل عليه المشي فإنه يهل بعمرة من ميقات أهل بلده ثم يمشي وإن قال عليه أن يحج إلى البيت ماشيا فمثل ذلك وإن قال لله عليه أن يحج ماشيا فإنه يمشي من البطحاء قال وإن جعل عليه المشي فمشى بعض الطريق ثم أعيا فركب فإذا كان عاما قابلا فليركب ما مشى ويمشي ما ركب فإن كان سمى عاما يمشيه فليكفر عن يمينه قال الليث يمشي من حيث حلف لا من حيث حنث وفإن ترك المشي أهدى حكى المزني عن الشافعي أنه إن ركب اهراق دما وإن مشي فإنه يمشي حتى تحل له النساء وروى يحيى القطان عن حميد بن ثابت عن أنس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يهادي بين رجلين فسأل عنه فقالوا نذر أن يمشي فقال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب فكان من ذلك من أمره ناذرا الحج أنه يحج راكبا فاحتمل أن يكون أمره بالركوب في غير هدي ولا شيء فوجدنا همام بن يحيى قد روى عن قتادة عكرمة عن ابن عباس
(1/411)
{{ المكتبة الإسلامية الشاملة ... SH.REWAYAT2.COM }}
أن عقبة بن عامر الجهني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أخته نذر أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مرها فلتركب ولتختمر ولتهد هديا وروى عبد العزيز بن مسلم حدثنا مطر الوراق عن عكرمة عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة فقال إن الله لغني عن مشيها مروها فلتركب ولتهد بدنة فاختلف قتادة ومطر عن عقبة وقتادة عن ابن عباس والأشبه ما رواه مطر لأن إسماعيل بن أبي خالد قد روى عن الشعبي عن ابن عباس في رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمشى نصف الطريق ثم أعيى فركب قال يحج من قابل ويمشي ما ركب ولينحر بدنة فلو كان عنده هذا الحديث لم يقل بذلك وقد روى شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أختي نذرت
أن تحج ماشية فقال إن الله لا يصنع بشقاء أختك لتحج راكبة ولتكفر عن يمينها قال وحدثنا يونس قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يحيى بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عقبة بن عامر الجهني أن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت حافية غير مختمرة فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله مر أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام ورواه يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زهر أنه سمع أبا سعيد الرعيني يذكر عن عقبة بن عامر مثله فتصحيح هذه الآثار أنه أوجب عليها الركوب هدي الإختمار وترك النذر كفارة يمين كما حدثنا يونس حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة النذر كفارة اليمين قال لنا يونس هكذا حدثنا ابن وهب في الإملاء وحدثنا في الموطأ عن عبد الرحمن بن شماسة عن
الجمعة فبراير 21, 2014 11:28 am من طرف المبدع
» متى تخرج زكاة الفطر
الأربعاء أغسطس 07, 2013 3:24 pm من طرف المبدع
» كلام في الشوق . آشـتـآق لـك يـ ع ـنـي آح ـبـك
الجمعة أغسطس 02, 2013 2:29 pm من طرف المبدع
» الأهــم شــوق الـقـلــوب
الجمعة أغسطس 02, 2013 1:22 pm من طرف المبدع
» صحفي هندي عمل في المملكة يؤلف كتاباً حافلاً بالإتهامات بعنوان عبيد السعوديين
الجمعة أغسطس 02, 2013 5:05 am من طرف المبدع
» "العيد قرب وزارني بعض الأحساس"
الخميس أغسطس 01, 2013 3:00 pm من طرف المبدع
» ||..ْ..هاهو العام أوشك على الرحيل..لسنه 1433ْ..||
الجمعة نوفمبر 09, 2012 2:54 am من طرف المبدع
» القبض على عبدة شيطان سعوديين في حفلة بالرياض
الخميس أكتوبر 04, 2012 8:30 am من طرف المبدع
» بي ابى وامى افديك يارسول الله
الجمعة سبتمبر 14, 2012 5:08 am من طرف المبدع